إحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرَّة . . فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرةيضرب للحذر احذر الصديق قبل العدو
من أعظم الغلط الثقة بالناس والاسترسال إلى الأصدقاء، فإن أشد الأعداء وأكثرهم أذى الصديق المنقلب عدوا، لأنه قد اطلع على خفي السر. قال الشاعر:
احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة
واعلم أن من الأمر الموضوع في النفوس الحسد على النعم، أو الغبطة وحب الرفعة، فإذا رآك من يعتقدك مثلا له وقد ارتقيت عليه فلا بد أن يتأثر وربما حسد. فإن إخوة يوسف عليهم السلام من هذا الجنس جرى لهم ما شأنهم. فإلزم من الإرشادات في المخالطة ما تطيب به المجالسة، ولكن لا سبيل إلى الوصال. ومثل هذه الحال أنك إن إستخدمت الأذكياء عرفوا باطنك، وإن إستخدمت الأبله إنعكست مقاصدك. فإجعل الأذكياء لحوائجك الخارجة، والبله لحوائجك في منزلك لئلا يعلموا أسرارك، وأقنع من الأصدقاء، بمن وصفته لك، ثم لا تلقه إلا متدرعا درع الحذر، ولا تطلعه على باطن يمكن أن يستر عنه، وكن كما يقال عن الذئب:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الأعادي فهو يقظان هاجع